سبحان الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه دائماً وأبداً إلى يوم الدين، أما بعد في هذا المقال سوف نتحدث عن أحد رواة الأحاديث الذين حافظوا على أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، ولولا فضل رواة أحاديث النبي لضاعة موروثات النبي الكريم والسنن النبوية المباركة، وسوف نتحدث عن سيد المقرئين والمحدثين في زمانه الإمام الأعمش، وعن مولده ونشأته وأنجازاته.
مولد الأعمش ونشأته
هو سليمان بن مهران الأعمش وكنيته أبو محمد الأسدي ولد عام 61 هجرياً يوم 10 محرم يوم مقتل الحسين عليه السلام، وقيل أن والده شهد يوم مقتل الحسين.
هو تابعي من رواة وحفاظ الحديث النبوي الشريف، ولد بالكوفة، حيث ولد بقرية أمه وهي من أعمال طبرستان وأصوله ترجع إلى دماوند نواحي الري وهي شمال إيران، قيل أن والدته جاءت حاملاً به إلى الكوفة وولد بها وقيل أيضاً أن أهله جاءوا به إلى الكوفة وهو صغيراً ودخل في ولاء بني مهران، ثم تعرض بعد ذلك إلى مرض بعينيه وهو ضعف بصر مع سيلان دموع وسمي منذ ذلك بالأعمش.
وكان من علماء القراءات والفرائض والحديث، حيث قال سعد البغدادي فيه:(( كان الأعمش صاحب قرآن وفرائض وعلم بالحديث)).
وأيضاً قال عنه سفيان بن عيينة:((كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض )).
كما قال هشيم بن بشير عن الأعمش: (( ما رأيت أحداً أقرأ لكتاب الله ولا أجود حديثاً من الأعمش )).
كان الأعمش من النساك العابدين، وكان يحافظ دائماً على الصلاة في جماعة في الصف الأول من الجماعة.
كما ظل سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى من صلاة الجماعة.
حيث قال عبد الله بن الخزيبي في الأعمش: (( ماخلف الأعمش أعبد منه )).
كان الأعمش عزيز النفس لم يجالس الأمراء قط وكان يحتقرهم ويحتقر مجالسهم، فقد بعث له عيسى بن موسى وهو أمير من الأمراء ألف درهم وصحيفة ليكتب له فيها حديثاً، فكتب فيها سورة الأخلاص، فبعث إليه بصحيفة وقال له أظننت إني لا أحسن كتاب الله؟.
فبعث له الأعمش أظننت إني أبيع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الأعمش دائما يقول إن الله يرفع بالعلم والقرآن أقواماً ويضع آخرين، وأنا ممن يرفعني الله به، ولولا ذلك لكان على عنقي دنٌ صحناً أطوف به سكك الكوفة ، ولم يرسل للأمير الألف درهم أحتفظ بها لنفسه.
تتلمذ على يد
تتلمذ على يد الكثيرين من التابعين وبالرغم من حضوره الإمام أنس بن مالك إلا أنه لم يروي عنه شيئاً ومن الذين تتلمذ على يدهم.
- زيد بن وهب.
- أبي صالح السمان.
- إبراهيم النخعي.
- زر بن حبيش.
وغيرهم الكثيرون الذين تتلمذ على يدهم وأستمد منهم قراءاته.
تتلمذ على يده
روى عنه الكثيرين الذين تتلمذوا على يده منهم.
- الحكم بن عتيبة.
- أيوب السختياني.
- أبو حنيفة.
- سفيان الثوري.
وأخرون كثيرون أخذوا منه وأستمدوا رواياتهم للحديث منه، فقد كان فصيح اللسان عالماً بالقراءات.
انجازات الأعمش في خدمة الأسلام
كان للأعمش نحو ألف وثلاثمائة حديث أفاد به الكثير من رواة الأحاديث الذين دونوا أحاديث النبي على لسانه، فقد كان فصيح اللسان عالماً بالقراءات والقرآن والفرائض والسنن، تعلم الكثيرون من علمه وخلفه الكثيرون، فلولا وجوده وغيره من حفظة أحاديث رسول الله لضاعت أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد قال عنه شعبة بن الحجاج: ما شفاني أحد من الحديث ما شفاني الأعمش.
كما قال أبو بكر بن اعياش: كنا نسميه بسيد المحدثين.
كما قال عبد الله بن داوود: سمعت شعبة بن الحجاج إذا ذكر الأعمش يقول : المصحف المصحف ( وذلك لشدة صدقه).
أيضاً قال عنه محمد بن سعد: كان الأعمش صاحب قرآن وفرائض (المواريث) وعلم بالحديث.
كان يقرأ القرآن على الناس فيأتون بالمصحف فلم يجدوا أنه يخطيء بحرف واحد، وكان خفيف الظل مرحاً سريع البديهة وكان شديد مع طلبة العلم.
فقد كان من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر تحرياً عنه كان حافظاً للحديث عن ظهر قلب وكان يقرأ على الناس القرآن كل شعبان فيستمعون الناس إليه الناس وينصتوا من كثرة جودة قراءته له.
مؤلفاته
لا يوجد له مؤلفات ظاهرة لنا ولاكن كل ما وصلنا عنه عن طريق تلاميذه وتابعينه الذين دونوا سيرته وأحاديثه وأستفادوا من علمه وتطرقوا إلى مواقفه المرحة وخفة ظله وسرعة بديهته.
من مواقفه المرحة
قال أبو بكر بن العياش: رأيته يلبس قميصاً مقلوباً ويقول الناس مجانين يجعلون الخشن مقابل جلودهم.
كما قيل إن له ولد مغفل، فقال له يوماً أذهب فأشتر لنا حبلاً للغسيل فقال له أبنه ما طوله قال له، عشرة أذرعاً، فقال له أبنه ما عرضه، فقال له الأعمش في عرض مصيبتي فيك.
قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )
أقوال السلف والعلماء عنه
- كان عاصم بن حبيب يقول: قال القاسم بن عبد الرحمن في الأعمش (( ليس أحداً أعلم بحديث عبد الله بن المسعود مثل الأعمش )).
- كما قال أيضاً القاضي عبد الرحمن بن أبي ليلى ((الأعمش سيدنا )).
- قال عنه سفيان بن عيينة (( كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم للفرائض )).
- مدحه علي بن المديني بطريقة غير مباشرة حيث قال ((حفظ العلم على أمة محمد ستة، فلأهل مكة عمرو بن دينار ولأهل المدينة محمد بن مسلم ( وهو ابن شهاب الزهري ) ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران الأعمش ولأهل البصرة يحيى بن أبي كثير وقتادة)).
- كما قال الإمام أحمد بن حنبل (( أبو إسحاق السبيعي والأعمش رجلا أهل الكوفة )).
- كما مدحه هشيم فقال (( ما رأيت أحداً أقرأ لكتاب الله من الأعمش ولا أجود حديثاً ولا أفهم ولا أسرع إجابة لما يسأل عنه)).
- كما قال محمد بن عبد الله بن الموصلي (( ليس بالمحدثين أثبت من الأعمش)).
- كما قال أيضاً عيسى بن يونس (( لم نر نحن مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء عند أحدٍ أحقر منهم عنده بالرغم من فقره وحاجته)).
- كما قال جرير بن عبد الحميد (( إذا خرج الأعمش فسألوه عن حديث فلم يحفظه كان يخرج إلى الشمس ويجلس ويضع يديه على عينيه فلا يزال يعركهما ويعركهما ، حتى يتذكره ، فإذا ذكره قال : هات عن أي شيء سألت؟ فيجيبه)).
- قال أيضاً أحمد بن عبد الله العجلي : (( كان لا يلحن حرفاً واحداً، وكان عالماً بالفرائض، ولم يكن في زمانه من طبقته أحداً أكثر حديثاً منه)).
- مدحه النسائي فقال : (( الأعمش ، ثقة ، ثبت )).
قد يهمك أيضا: سليمان بن يسار (علمه – انجازاته – مواقف من حياته)
وفاة الأعمش
توفي رحمة الله عليه عام مائة وثمان وأربعين وهو ابن ثمانٍ وثمانين عام ولم يترك ولا كتاب ولاكن علمه وفصاحته توارثها التابعين وتلاميذه من بعده رحمة الله عليه وأسكنه الله فسيح جناته.
قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة
المصادر:
كتاب: سير أعلام النبلاء
كتاب: تهذيب الكمال في أسماء الرجال,
كتاب: تهذيب التهذيب
العلل ومعرفة الرجال.
تاريخ أسماء الثقات.
طبقات المحدثين بأصبهان.
صفة الصفوة.
البداية والنهاية.
تاريخ بغداد.
